U3F1ZWV6ZTY5ODA1NDEzNTIxNDdfRnJlZTQ0MDM5MjkwOTgxMzc=

إبطال قصة أن محمد الفاتح هو المقصود بحديث فتح القسطنطينية


بسم الله الرحمن الرحيم



إن الأحاديث الصحيحة الواردة في فتح قسطنطينية  تتحدث عن فتحٍ  يقع في آخر الزمان ، قُبَيل  ظهور الدجال ،ولقد ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال :
 ( فتح القسطنطينية مع قيام الساعة )
 رواه الترمذي

هذا الحديث الموقوف عن أنس بن مالك رضي الله عنه له حكم الرفع لسببين :
  1. لأنه من الأمور التي  لا تعلم بالرأي والاجتهاد . 
  1. وأنس رضي الله عنه لا يعرف عنه الأخذ عن أهل الكتاب والاطلاع على الاسرائيليات.


أما حديث : 
”  لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش ” 
ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة، والأرنؤوط في تحقيق المسند


وقد انفرد به عبدالله بن بشر الخثعمي، وهو مجهول
لكن على فرض صحته فلا يدل على أن محمد الفاتح ومن معه هم المعنيون في الحديث فضلا أن يستدل به على صحة المعتقد الأشعري والماتوريدي والطرق الصوفية المحدثة لأن معظم الجيش كان منهم كما يزعم بعض الجهال.
والعجب أن الثناء على الصحابة -رضي الله عنهم- قد جاء في مئات الأحاديث وكذلك أيضا الثناء على من سار على دربهم من بعدهم من القرون المفضلة وما بعدها ، فمن كان مقتديا فليقتد بهم، وليسلك سبيلهم، وليتأس بطريقتهم لا بطرق غيرهم ممن أحدثوا في الدين ما ليس منه .

قال العلامة  حمود التويجري رحمه الله في كتابه: ” إتحاف الجماعة”:

” وقد فتحت القسطنطينية في سنة سبع وخمسين وثمانمائة، على يد السلطان العثماني التركماني محمد الفاتح (وسمي الفاتح لفتحه القسطنطينية) ، ولم تزل القسطنطينية في أيدي العثمانيين إلى زماننا هذا في آخر القرن الرابع عشر من الهجرة.
وهذا الفتح ليس هو المذكور في الأحاديث التي تقدم ذكرها؛ لأن ذاك إنما يكون بعد الملحمة الكبرى، وقبل خروج الدجال بزمن يسير؛ كما تقدم بيان ذلك في عدة أحاديث .  ويكون فتحها بالتسبيح، والتهليل، والتكبير لا بكثرة العدد والعدة؛ كما تقدم مصرحا به في غير ما حديث من أحاديث هذا الباب.ويكون فتحها على أيدي العرب لا أيدي التركمان؛ 

كما يدل على ذلك قوله في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عند مسلم:
  «فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ»
  روا مسلم .

وفي حديث ذي مخمر رضي الله عنه:
 «” فَيَقُولُ قَائِلٌ مِنَ الرُّومِ : غَلَبَ الصَّلِيبُ ، وَيَقُولُ قَائِلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ : بَلِ اللَّهُ غَلَبَ ، فَيَثُورُ الْمُسْلِمُ إِِلَى صَلِيبِهِمْ وَهُوَ مِنْهُ غَيْرُ بَعِيدٍ فَيَدُقُّهُ ، وَتَثُورُ الرُّومُ إِِلَى كَاسِرِ صَلِيبِهِمْ ، فَيَضْرِبُونَ عُنُقَهُ ، وَيَثُورُ الْمُسْلِمُونَ إِِلَى أَسْلِحَتِهِمْ فَيَقْتَتِلُونَ ، فَيُكْرِمُ اللَّهُ تِلْكَ الْعِصَابَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِالشَّهَادَةِ ، فَتَقُولُ الرُّومُ لِصَاحِبِ الرُّومِ : كَفَيْنَاكَ الْعَرَبَ ، فَيَجْتَمِعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا ”
صحيح ابن حبان

 فدل هذا على أن الملحمة الكبرى تكون بين العرب والروم، والذين يباشرون القتال في الملحمة الكبرى هم الذين يفتحون القسطنطينية، وأمير الجيش الذي يفتحها في آخر الزمان عند خروج الدجال هو الممدوح هو وجيشه؛ كما تقدم ذلك .
والمقصود هاهنا التنبيه على أن الفتح المنوه بذكره في أحاديث هذا الباب لم يقع إلى الآن، وسيقع في آخر الزمان عند خروج الدجال.
ومن حمل ذلك على ما وقع في سنة سبع وخمسين وثمانمائة؛ فقد أخطأ وتكلف ما لا علم له به “. اهـ. 


قال العلامة  المصري أحمد شاكر رحمه الله :
(فتح القسطنطينية المبشر به في الحديث سيكون في مستقبل قريب أو بعيد يعلمه الله عز وجل، وهو الفتح الصحيح لها حين يعود المسلمون إلى دينهم الذي أعرضوا عنه،
وأما فتح الترك الذي كان قبل عصرنا هذا فإنه كان تمهيدا للفتح الأعظم،
ثم هي قد خرجت بعد ذلك من أيدي المسلمين منذ أعلنت حكومتهم هناك أنها حكومة غير إسلامية وغير دينية وعاهدت الكفار أعداء الإسلام, وحكمت أمتها بأحكام القوانين الوثنية الكافرة، وسيعود الفتح الإسلامي لها إن شاء الله كما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم) اه
هذا وقد ثبت الثناء على أول جيش يغزو القسطنطينية 

كما في صحيح البخاري عن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم يقول : “أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا ” قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِيهِمْ ؟ قَالَ : “ أَنْتِ فِيهِمْ ”   ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “ أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ ” فَقُلْتُ أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟  قَالَ : “ لَا “

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله  : ” مدينة قيصر هي القسطنطينية ” اه
قَالَ الْمُهَلَّبُ : ” فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ لِمُعَاوِيَةَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ ، وَمَنْقَبَةٌ لِوَلَدِهِ يَزِيدَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا مَدِينَةَ قَيْصَرَ ” .
وَتعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ وَابْنُ الْمُنِيرِ بِمَا حَاصِلُهُ : ” أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ دُخُولِهِ فِي ذَلِكَ الْعُمُومِ أَنْ لَا يَخْرُجَ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ ! ”
قال الحافظ ابن حجر : “ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ التِّينِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَحْضُرْ مَعَ الْجَيْشِ فَمَرْدُودٌ ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ لَمْ يُبَاشِرِ الْقِتَالَ فَيُمْكِنُ فَإِنَّهُ كَانَ أَمِيرَ ذَلِكَ الْجَيْشِ بِالِاتِّفَاقِ “
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ اللهُ- :  “وبالإجماع أول جيش غزاها بقيادة يزيد بن معاوية وكان تحت أمرته بعض الصحابة منهم أبو أيوب الأنصاري ” مجموع الفتاوى 3

فيتلخص مما سبق من الأحاديث الصحيحة الواردة في الباب فائدتين :
  1. الثناء على أو جيش يغزو القسطنطينة وكان ذلك في زمن يزيد  وفيه بعض الصحابة رضوان الله عليهم
  2. الثناء على الجيش الذي يفتح هذه المدينة في آخر الزمان قُبَيْلَِ خروج الدّجَّال .


والله أعلم والحمد لله رب العالمين 

تعديل المشاركة
author-img

حسين مطاوع

هذه المدونة تهتم بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنى بلا غلو ولا تفريط وأيضا تهتم بالدفاع عن قضايا بلادنا كلها .
تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. اطلعت على هذا التحقيق الموثق بالحجج والبينات وهو الأقرب للصواب. بارك الله فيكم ونفع بكم جزاكم الله خيرا.
    خالد فؤاد

    ردحذف

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة